(سيرةُ الوجع)
هذا أنا ذاك المسمّى
رغيف المعنى
فكلْ مني حتى تُطفئَ
لهيبَ الجوع
أيها القابعُ فوق حطام الأوبئة
هذا أنا ذاك اليتاجرُ بالحرف
فيقتنصُ الخسارات
هذا أنا ذاك المنقوش
اسماً
وجسماً
ورسماً
وطقوساً
فوق مسلة الحلم
مركونةٌ أمنياتي عند متحف الطين
مستلةٌ هطولاتي من وجع الغيم
لا حدودَ لخارطة الجرح
لا موجَ يحمل قاربَ السؤال
نحو ضفة المأوى
هذا أنا ذاك المرتعشُ
طيراً مفطوماً عن الرقص
مهما بللته وشاية الماء
همساً في جيوبٍ
تستجدي عطفَ الريح.
يا ربَّ الماضي إيماناً
والحاضرِ شلال دهشةٍ
يقف على مفترق الجحود
والمستقبلِ ربما مواسمَ للمرارات
من أي طينةٍ خلقت هذا الشاعر الموشّى بالعبث؟
أمن ظل الترانيم؟
أم من حطب الفوضى؟
أمن بقايا تجاعيد المطر؟
أم من شقشقاتٍ هدرت كالموج
حين فرّ الصبح مكتحلاً بالموت على قنوات الحروب؟
من أي ترنيمةٍ نفختَ فيه سَوْرة الانبهار؟
أمن غبار قوافل الغاوين؟
أم من نفحات أدعية البررة؟
هذا أنا ذاك الذي لا يعرفُ شيئاً
عن وجع الشمس
ولا عن مرايا الاشتهاء
أوزاري حبلى بالذعر
وروحي مروُضةٌ سهواً لاكتناز الخطيئة.
تسللتُ من خرافةٍ موشومةٍ بالصهيل
من ثقبٍ في جدار البوح
نزيفاً يؤجل ضمادات الحائرين
حتى يفِدَ على كوكبٍ آخر
أدورُ كالطواحين
أشيّدُ ظلاً لمن لا يعرف معنى الجمر
أستبيحُ لغة التحرش
وألعنُ كلَّ ترتيلةٍ أنهكتها الأرصفة
حتى لا يلهثَ الخريفُ على بوابتي
ولا يضيعَ الندى بحضرتي
أميطُ لثامَ الأمنيات
كي أرى وجهَ النشوةِ
عابراً لجمر الحظر
مخلوعاً عند بابكِ الموصدِ
لا حظرَ حين يضمُّنا وجعٌ واحد
أنا وأنتِ يا توأم المسافات
لا وجعَ حين يضمُّنا حظرٌ واحد
أنا وأنتِ يا حطامَ العمر
أُعلنُ أنكِ سيرتيَ الأولى
إثميَ القديم
توبتيَ القادمة
جودي عليَّ ولو بشقِّ لهفةٍ
أو بهمسِ تسبيحةٍ
في جوف العمر
تختصرُ اللهاثَ
وتؤدي عطراً بحجم الحياء
وعفةً بحجم الآخرة.
أُعلنُ الآن أني واقفٌ
على شرفات عينيك
وهما تخوضان غابةً
تختزلُ المحطات
وتوقدُ من جديدٍ جديلة أنثى
كأنها السِحر
تكتب من جديدٍ سطراً لا أفهمه
لكنه يذكّرني بالغواية
أُعلنُ الآن أني لن أرثيكِ بعد اليوم
حتى تكتحلَ مزاراتي
بطيفٍ منكِ غير خجول.
د. عماد الحيدري
العراق _ النجف