—————
سأحدثكم عن بلدٍ كلما اكتملت ملامحه مسد بياض قيامته صوت الرب ، وهديل الأشجار ، وتموجات الضوء في انكسار الأنهار ، . تتزاحم أسئلته فتقهر سواد مصابيحهم ، يُشفط من حروفه البياض فتتبعثر زهرة الجوري …… .
شَدوا شراستهم الى عضد الظلمة . فتلاشت اشلاء الصورة التي لم تدركها الريح ، ولا الأشجار تحتفظ بنكهتها ، ولا تتآخى مع الاسماء ولا يُكملها عاطلو الارصفة .
إذن ما جدوى الوردة حين تُخبىء مسراتها وتفلي ألوانها امام المارة ؟
وتتلفت خوفاً من جنون البلبل أن يفضح أنوثتها ؟ .
تتهامس الاسماء ، لماذا تقشر الملائكة تاريخنا ويرسموننا على طوابع البريد ؟
ما جدوى الحيطان ان لم تحتسِ كركرات الأطفال وشيطنة الصبيان ونزق العشاق من سيلانها خارج حدود الزمن ؟ .
ما جدوى الكلمة ، تتعكز على اختها لتفسر فحولة الحياة او تؤسس لجدار الفصل بين المشكلة وتوأمها ؟
ما جدوى حضوري إن لم اجمع ضوء الحرف قبل انكساره لابرقه الى العتمةِ او الظلِ ، الى مدنٍ زَعَلَت الشمس عند مغازلة ملامحنا ، فأصبحنا وطناً بلا وترٍ ، وسحاباً بلا ماء ، وأجوبةً بلا أسئلة ...
الرصاص … الرصاص وحده يتنزه في خاصرة الوطن .
دع بياض الأمهات يفضح الكارثة
و طائرات الاطفال الورقية تقاوم زفير الظلمة ،
******
سأحدثكم عن البلاد التي تلوذ بالبرق من غيمة مستهترة ، تقع تحت سماءٍ مثقوبةٍ ، وتترجرج فوق ارضٍ تتلاشى بين مساماتها الضحكات .
الناظر يظن إننا مجموعة مقابر متحابة ، واسعة ، فسيحة ، ليس لنا من امهاتنا سوى الآهات المتحجرة في الحناجر ،
ومن المطر سوى الخوف من فخاخ البرق ، وانغمار الارصفة بالهموم . هل تعلم ان الارصفة تهيء جنونها لفضة الليل ، هذا تأويل من خانته الشمس لتطبخ ارتجافاته بشهية مومس
لم يبقَ من تاريخنا سوى ،
شهيق بخفة دخان وموت مرهفة منابعه وفُتات موسيقى .
*****
سأحدثكم عن أطفالٍ ، حين يجلدهم الخوف يلوذون بسيوفهم الخشبية لطرد الشيطان
وحينما تحاصرهم مخيلتهم بثلوجها العصية على الذوبان يحتمون بالمحنة ،
حين تفتح ابوابها لاصطياد تضاريس الدهشة ، وحين تغلق أبواب مدارسهم يبحثون في الظلمة عن مفتاح لفك كابوس محنتهم .
وحين تلفظهم الشوارع تتلاقفهم حيتان البرية، تفتح جراحاتهم على ترنيمة شهيق الأمهات ، يقطعون آخر خيط من حلم مغموس في كابوس ملون ، والكابوس سوط أحمر كعشيقات سماسرتنا
يستدرجوننا من التيه الى العدم
من الظل الى الظلمة
من النوم الى الموت
من الكتابة الى القراءة على ضوء فانوس أخرس .
٢٠/ نيسان / ٢٠١٩