ثلاثونَ نخلةً
وأمي تجني أولادها كُلَّ عامٍ أعذاقًا صفراً
لا أعرِفُ
كيف أنِّي لم أنبُت
جذعًا أسمرَ في أرضِ أبي
هذا الرضاعُ زُهدي
والساقيةُ تعصمُ الثمارَ من الشوائبِ
أتدحرجُ نقيًا كُلَّ صباحٍ
تُعفرني ملوحةُ الترابِ
***
أرسمُ الأحلام لشيخوخةِ فحلِ التوت
البيوتُ خضرٌ والعناقُ أشعة شمسٍ
تلتف حولَ يدَي أُمي وهي تغرسُ جوعها في الأديمِ
تنتظرُ
والقطافُ
قبلةٌ من فمِ أبي المتحجرةُ شفاههُ منذ بدء الموسم
كل الفصل
وهما يُتقنانِ رقصةَ أوراق التين
حين تداعبُ انحناءاتُها الرياحَ دِفقةً دِفقةً
أو كلُّ الموسم
هما يتعلمان القفز بين ألواح الريحان
كما العصافيرُ
مِن أجل قبلةٍ بيضاءَ
*****
ذاتَ قمحٍ
ليس شاحبا وجه أُمي
إلّا أن السنابل تشكو أسنان المنجل لعيونِها
البيدرْ
و المراويحُ وفتياتُ القريةِ
تشبُّ العام تلو الآخر
وأنا أجلسُ القرفصاءَ
أعدُّ كم رعشةٍ لنهد ياسمينةٍ
أحرقتها منحنيةً
تقطفُ رقبةَ ريقي وهي مُمسكةٌ بالمنجلِ
*****
كلُّ فجرٍ وأنا أنفخُ في الحشائشِ من روحي
أُعبئ الخضرة عبثًا
في خيطِ الليلِ عسى أن يبيض
أنام في سرير من التبن
وإذا بشمس السادسة تُزرق وجهي بشعاعين أبيضين
أين الفرح الذي يلوح به لنا ابناء المدينة
أين النعومة في الأجساد
هذه خليلتي تتهادى من عُمق الفدان
وأنا أقفُ في نهاية جادتها إناء
في حجري
يصب النهر من فتحة قميصها
ثم تنام الشمس
مرةً أُخرى تدثرها غيمة خجلة
إلى جانبي ثقبان من الخوف
اسكب فيهما
صوت أبي
كلما ضمتنِي الخُضرة بقوةٍ
**
الفراشة الطريدة منذ بداية الموسم
لم تكن كأبويَّ
فطرية العناق
وأنا بخبث
وضعت بين حاجبيها غصنًا ساخنًا
بربري حرير فخذها
يرتدي بزةَ حربٍ من صقيع
وأنا فارسُ لهب
أُمطر السور بالحمم
يا للذة الحرب بين الحشائش