لستُ كاتب
أنا بالحقيقةِ مجرد اِنسان يبلغُ من العُمر
خمس رصاصات
وقُنبلة .!
عاري أنام في خرابة
مهجورة
أفرشُ تحتي كراتين الفلاش الذي يُستخدم لتنظيف السيراميك
فأصحو مليء باللهيب
والحريق
بالألم
والندوب
وعيناي يذرفن
مائة دمعة
أنا كائن هدمته الحَرب ؛ أنتزعت منه كل شيء
لم يبق لديه شيء سوى
معانقة الهواء
واللعب بالماء
وعِشق المداد
وحُب اللُغة والبساطة
أعاني من فقر الحديث
لا أستطيع أن أتنفس إلا عَبر الكتابة
أحولُ كُلِ نقطةٍ إلى اسطوانة !
والسطور إلى أوردةٍ تضخ الهواء إلى ريئتي
فتنقذني من الوداع المُبكر
كي لا تحزن
العصافير
والسنابل
والكَريمة .!
أنا لستُ كاتب
أنا طبيب أعالجني بترتيب السطور
أصنع من كل جملة
مسكنات
ومن كل عبارة
مُهدئات
لستُ شاعر
أنا بالحقيقة أشعر بكل كَليم
بِكلِ حزينٍ
ويتيمٍ
ويائسٍ
ومُكتئب
أنا لستُ أنا
لستُ نُقطة في جبين الحروف
ولستُ علامة تَعجب
ترمز للدهشة
ولستُ نُطفة في جسد
سَحابة
أنا بالحقيقةِ فقير
أمعائي فاضية
تصرخ من فداحة الجوع
جسدي نحيل كعود ثُقاب
وكجذع نخلة خاوية
وكشجرة على حافةِ جبلٍ لا يصل إليها الماء إلا في فصلِ الصيف
والصيفِ ضيفٍ خفيف
لم يظل أكثر من وهلة
يغادرني سريعا كالضوء
كلمحة البرق
فتحترق أغصاني
يختفي الماء من عروقي
من أوردتي
تُتلف أجزائي
وتتساقط الأوراق من رأسي
فأبدو كاليباب
يملؤني الظلام
ثم أصبح وجبة للفاتنات
والراعيات
وأصيرُ حطبٍ لطهي الطعام
ولتدفئة الماء حين يتطهر كل عاشق
وعاشقة .
لا أعيشُ في هذا الكوكب
الجميع هجرني
غـضب مني
ونبذني
فأصبحتُ وحيدا كلعنةٍ أقلعت من قاعدة أرضية
أخترقت الغلاف الجوي
فشدت الرحال إلى مالا نهاية .!
ليس لدي حـبيب
أو حبيبة
لا صديق
أو صديقة
لديّ كثيراً من الاُمنيات المُبعثرة
من الاُغنيات
القديمة
أكرِم بهم أرضي القاحلة ، وكثيرٍ من اللعنات
أهديهم لِلصوصِ الأوطان
والمجرمين
والزنادقة .
وثيق القاضي
22-12-2020
اليمن.