"قراءة فى كتاب الاستشراق لأدوار سعيد "
أعتقد أن كتاب إلاستشراق ؛للكاتب العربي الفلسطيني الأمريكي: ادوار سعيد يعتبر من أهم الكتب الفكرية التي كشفت زيف نظرة المستشرقين للشرق، إنه كتاب يحاكم الثقافة الغربية بعد أن هضمها المؤلف وتمثلها ليعيد تصحيح صورة الشرق؛التى خلقها وأبتدعها الغرب ذهنيا وليست حقيقة واقعية. صورة الشرق في كتابات المستشرقين:ليست هى الصورة الحقيقية التى كانت تحتوى بداخلها على ما أصابنا من ضعف وتكلس وجمود فكرى ، تحمل نواة والمنهج العلمى التجريبى الذى قامت على أنقاضه الحضارة الغربية بعد ترجمتها .
صنعت عن عمد صورة ذهنية ثابتة متكلسة :لشرق في كتابات المستشرقين ليس حقيقة هو صورة تصف الشرق بالتخلف، وعدم الوعي حتى بنفسه فالغرب هو المركز الذى يعي أولا بخصائص وصفات لا تتوفر فى حضارة الأطراف والذى يمثل الشرق أحدها فينتج الغرب الشرق من جديد فى صورة جامدة متكلسة، لا تجرى عليه سنن الكون والحضارة والتقدم، صورة نمطية يوظفها لتخدم مصالحه وترضى غروره فهو الذى يعي نفسه ويعي غيره بعد أن يخبر غيره أنه سيظل طرفا غير مؤثر ،الغرب هو مركز الفكر والحضارة والعلم ،هو من يصنف الجميع هكذا يصف الغرب نفسه ... أما حضارة الأطراف ومنها الشرق المسلم لا تتمتع بشئ من ذلك على الإطلاق بعد أن وظف الغرب كل علومه الإنسانية ليصبغ على النظرية قانون الحتمية لقد صنع الغرب الشرق على هذه الصورة ، حتى يصفه بالتخلف ليشعره بالنقص عن وأنه دائمآ فى حاجة إليه و لعلومه ونظرياته ليظل تابعا حتى ؛يسهل((أستعماره ) أقصد احتلاله ،فيصبح بذلك :الغرب هو المنقذ ولابد أن نحمد له ذلك الصنيع الإنسانى فهو وحده الذى يعي أننا فى حاجة إليه وليس نحن ؟! ،ويعي غيره المتخلف المتكلس الجامد الذى هو الشرق . صورة زائفة عنصرية وضعنا فيها الغرب ليسلب الآخر تاريخه وينفي عنه العلم والفكر ويجعل من عصر النهضة بداية الوعي الإنساني من عقله من غير مثال سابق ،بعد أن بث نظرية تفوق الجنس الأرى بأنه خلق بخصائص الفكر والإبداع دون غيره من أجناس البشر فيصبح بذلك و بقانون حتمي تؤيده نظرية علمية مزيفة طبعا هو سيد الحضارة وصانعها .نقد كل ذلك أدوار سعيد ،وضرب بمعوله وخلخل سدودا كانت منيعه وميعها وجعلها أكثر اهتزازا وحطم عقائد وأفكار فاسدة أستند عليها المستشرقون كثيرا فى مجال بحثهم ، وأصبحت آيلة للسقوط تحت ضرباته التي خلخلت الجذور التي بني عليها إلاستشراق صرحه الكاذب المزيف ، كلمة ذلك بروح الأديب وعقل المفكر وعمق الفيلسوف فكان كتاب الاستشراق عمدة في بابه وضربة قاصمه للمستشرقين اللذين صنعوا شرقا لا نعرفه نحن أبناء الشرق ليسهل احتلاله والانقضاض على ثرواته وينفوا عنه العلم والحضارة ،ويثبتوه بالضمنيه لغربهم فجاء أدوار سعيد وخلخل هذه الأنساق الفكريه المزيفة العنصرية وحرر الأنا الممثل في؛ الشرق من سطوة وسيطرة الآخر عليه ،والممثل في؛ الغرب ففتح الباب لمفكر كبير أيضا وهو حسن حنفي فكتب ،كتاب:مقدمة في علم إلاستغراب..وهو محاكمه أو نقد لفكر الغرب من وجة نظر الشرق ...
كان أدوار سعيد في هذا الكتاب المثقف الملتزم
بقضايا أمته والمدافع عن ثقافتها، وقبل كل ذلك المتسق والمتماهي مع نفسه فكرا وسلوكا فجاء الكاتب أشبه بانتفاضة داخلية، وغضبة نفسية، لأمته ضد عدوان يقع عليها....