موكبُ الأحرارِ
ما ضرَّ قفصةَ غيرَ القذفِ بالتُّهمِ
اِرحَل لبَيتِكَ لا تَسألْ عنِ الكَرَم
ما كان يَخفى من الأَخبارِ تكفُلُهُ
فالعهدُ جدَّدَ ما ولىَّ من القِدَم
آدخُل إليها تُلاقِ العَصرَ مُفتخِرا
تَجنِ الملاحِمَ تَنسَ الحربَ بالكلِمِ
كنزُ الحضارةِ كالكَبصِيِّ ترسُمُها
روضًا بِعينِك للحُسّادِ كالحممِ
لا تَستشِرْ فسِلالُ الدَّار عامِرةٌ
آدخُل لبيتِك تلقَ الخيرَ بالحِزَم
أمّا المَزاعمُ تأتِ البحرَ مُثقَلةً
لا تُفسدُ العيشَ، لا تُغني عن النِّعمِ
قَد عِفتَ مَهدَك بالقُضبانِ مُرتفعٌ
يَحكي الفواجِعَ يَستجديكَ بالقَسَم
جُل في الجِِنانِ بطَعم الآسِ عامِرةً
وَالتّينُ يفخرُ بالإكليلِ في القِمَم
في واحةٍِ تَحتفي بالشَّمسِ تُشرِقُها
زُرها ستُصبحُ مَحسودا من العجَمِ
قد كُنتَ تَقصِدُ أقطارا مُدجَّنةً
لمَّا علِمتَ بنَظمي لُذتَ بالصَّمَم
تنهارُ ، تدمعُ تُهدي الحَرفَ مَنزِلهُ
تَنسى النَّوازِلَ تُحيي التِّيهَ بالقِدمِ
إِن زُرتَها لكأنَّ الغَيمَ يَحملُها
يَمضي نَحيفا فلا تُثقلْهُ بالرُّزمِ
تَحتارُ في الخيرِ والأغرابُ تَعرِفُهُ
تُعلي يَديكَ وتَطوي بُرنُسَ الزَّعمِ
تَلقى البساتينُ وجهَ الله ناظرةً
والتَّمرُ فيها وفيها الخمرُ في الأكَم*
الشمسُ تطربُ "سُلطانا" تُقَرمِزهُ
لا شَوكَ يُفزِعُ تاجُ الوردِ في القِمم
اِحضرْ بجلدِكَ لا تَلبَس عبَاءَتنَا
تَبقَ الأَبِيُّ وإن غادرتَ فاَبتَسِمِ
مِقدارُ حُزنِك لا تَدريهِ مَركبةٌ
تَلقى الجَمالَ وتُلقي الوَجدَ للقلَم
إن جئتَ تُلبسُ بيتَ الشَّوقِ شِيمتُكُم
عَلِّم دُروبَك مَغزى النّوقِ والغَنَم
إن زُرتَ أرضَكَ تُرْسي فيكَ حُلَّتَها
تَغدو الرَّبيعُ وإن أعيتْكَ بالسَّقَم
اِرحلْ وشوقُك قد زادتهُ فاتِنةٌ
من فَوقِ بُرجِك تَرنو السُّوقَ في القرَم
شتَّانَ بين مُواساةٍ ومكرُمةٍ
من بَاتَ يَغنُمُ يَنسى وِجهَة الحَرَم
مهما اِبتعدتَ فبِالواحاتِ مُلتَحِمٌ
نُهديكَ طيفًا لتُبقي مرجَعَ القِيَم
بِالشَّمسِ تَحفظُ للزَّيتونِ مَرتبَةً
بالظلّ تُغدِقُ تَعلو قِمّة القِمَم
يا حُلمُ طِرتَ وقد عشَّشتَ في كبِدي
فيك اليراعُ ملاذ الرَّوْحِ والألَم
*الأكمِ: الهضاب ج أكمة
مهدي غلاّب