في المدينة ننام كلّ يوم
على وِحشة الجدران...
تحرسنا أبواب تنتظر
أن يداهمها الحضور..
نصحو على صخب أزقة
تمتلىء بالبؤس و الأوحال..
زحمة النهار تمحو كل الخطوات
أطياف بأقدامٍ تنهش صلابة الرصيف ..
في الطّرق الطويلة
ينوس الشّقاء ...
العابرون من وجه إلى وجهٍ
تدحرجهم الطرقات
تختنق خطاهم في سباق المسافات....
والأجساد تتدافع و تتراطم
حتى حلول الظلام ..
تجوب الشوارع الراعفة من بؤس الأقدام
في الزحام...
غاب صوت إيديث بياف في صخب الحشد ...
إستقالت كل الأغاني
حين أكلها الغبار...
لم يبق في المدينة غير الإبتذال
هوس بشريّ
لهث مرير خلف الخطى
رؤوس مرهونة لعقارب الساعات
ما ببن الثانية و الثانية
مسافات تركض لتمسك اللحظة
و ظلالنا قابعة ترتجل العمر
ساعة المنبّه كآلة تبطش بالجميع
تدفعنا كل صباح لنكرّرَ نفس الطقوس ..
لنشرب القهوة بنكهة السأم
على أنغام أغنية تضجّ بالعويل..
إشارات المرور تستوقفنا لنستردّ الأنفاس
ثمّ نتجاوزها كالقطيع..
المدن تتخطّف منا السعادة
و الوقت كمنجل يجزّ أعناق الخلائق
فتنهدر احلامهم باكية على قارعة الطريق..
حتى النجوم في المدينة إختبأت ...
حين لم تجد سماءً تضيء فيها
وحدها الأرواح كانت تتنازل عن كل أحزانها
لتفتح لنا سبيلا للبهجة
مفاتيح السّعادة أن نحرّر أرواحنا
من بؤس هذه المدن
أن نطلق العنان للضوء الكامن فينا....
مفاتيح السعادة أن نسير في ما تبقى لنا من الحياة
بأقلّ جرعاتٍ من الألم