( حين تحاولين دس جسدك في زحام البنايات تمهلي قليلا )
في الأول من الليل /أعني الشارع الذي ستعبرينه معي لاحقا، سأكون عند استدراة الرصيف، حيث لا صيارفة، فضاء فسيح من مساء ساهم،
وعلى كرسي اجلس منفردا، لا شيء يستفزني كما الإعداد لأشياء اجهلها، أو كما كانت تفعل الحروب بي، قبل أن ارتكب خطأ /أعني حين أحدث زملائي من الباعة الجوالين عن الدم حين يتناثر بفعل طلقة تخترق الجمجمة،
لم أكن مهتما بما يعود على النسوة من اهتمامات،
الموسيقى مثلا، الازياء، صوفيا لورين،
أو ما لا تهتمين به اصلا، كالانتخابات الأمريكية مثلا،
فجأة رأيتك ترسمين صليبا، وبوجه شاحب يندس جسدك في ازدحام البنايات،
ثلاثون يوما وانت تعبرين الشارع من غيري إلى حيث الشقة السكنية التي تتركين فيها جسدك ،مطمئنة على خزائنه من عبث العابثين،
الأشجار التي تركتها-- عند أول السلم -- كعلامة دالة لا تشبهني كما كنت توحين لحارس العمارة بذلك، فيمنع قدمي من الوصول إليك،فاضطر إلى تسلق الجدار إلى حيث الشرفة، كنت نباتا متسلقا، رائحة جسدي مخالب هوائية، وعيوني أزهار سود،
وأنا اعاينك كما اعاين تمثالا من نحاس، يتحمل الكرسي سبب شغفه بالمارة،
كم لديك من الإهمال، من عدم الاستجابة، من قدرة على أن لا أكون ربيبك في طريقك إلى الجنة، ؟
كم تحدث المارة عن سلالم تظهر وتغيب، وعن جدران يتسلقها شبح شجرة، وعن فتاة تخرج من الجدار لتدخل الشارع من نافذة كالمرآة؟
هل كنت احد هؤلاء المارة؟
ألم تتابعي شخصا له هيئتي، لا سواي من سيكون وفق الاتفاق منفردا، عند رصيف ممتليء بالاشباه؟
كيف من الممكن لامرأة لم تتأكد مسبقا من ملامح شخص ما، ربما ضمن مجهولية تامة، أن تعثر عليه، من غير أن تتعثر بشبيه ما ،يمثل دوري أمامها وبحرفية شديدة؟
إنه الامتحان،
ستدخلينه منفردة من غير دليل ، ربما يكون غير شريف،
لتخرجي بكامل التاريخ، ما من دعي يتقول على عبورك الشارع، وما من شاهد زور يتحين الفرص ليسلبني لحظة صعودي لشرفتك،
حين تحاولين دس جسدك في ازدحام البنايات تمهلي قليلا لاصطف وإياك بعيدا عن الطلقة التي قد تخترق جمجمة أحدنا،
النافذة التي كالمرآة تتسع لعرباتنا مجتمعة،
حميد حسن جعفر / واسط / 14 / 12 / 2018