recent
أخبار ساخنة

سجون الزمن / ‏احمد ‏شمس ‏

سجون الزمن
بطرق كثيرة يمكن أن نجد بعضنا
كأن نلتقي عند ضريح الزمن الذي قضى نَحْبَه بيننا
أو عند أمنية تلفظ آخر أنفاسها لفظا فصيحا كالغياب
أو عندما يثملنا الصبر حتى آخر ردمة من كأسه
يمكن أن نلقي دمعة في بئر الذاكرة
ونلتقي على أجنحة الصدى
أو أن نسكب شيئا من حديثنا الحلو
على جذع شجرة فارقتها الرياح
هكذا يا حبيبتي
قد نرقص وحيدين بلا موسيقى
بلا أرجل... بلا تكنيك
الآن تذكرتك... تذكرت حياتي قبلك
وقبل الموسيقى
أخبرتك أن للزمن شباكاً متينةً
وأبواباً يعبرها الناجون فقط
أخبرتك أنني علقت في طفولتي طويلا
لم أغادرها
حتى -فجأة وبلا مراهقة-
وجدتني رجلا أقف إلى جانبك
الأمر مضحك حقا
فأنا الآن عالق بكِ
بالأماكن، باللحظات، بالجسد الذي ضمك
بالرجل الذي أحبك... لا أنوي مغادرته
هكذا تنسج الأمنيات شباكها لصيد الزمن
نعيش فيها بوداعة
حتى نكتشف أننا أسرى
مراهقون برؤوس صلعاء أو بيضاء.. مثلا
في تجاعيد وجوههم خرائط عمرهم.... حكايات..
نحن عالقون... عالقون يا حبيبتي عالقون
أتذكرين دموع الوداع الأخيرة
لحظة أن نجوت بنفسك
كم كانت ساخنة، كأنها الثورة
كأن وداعنا القيامة وعيوننا أبواب الجحيم
لماذ يبكي الناجون؟!
على سبيل المثال
من يفرج عنهم في السجون وفي اللحظات الأخيرة
يعانقون الآخرين، يبكون ويبكون حتى تبتل قلوبهم
أليس عرس النجاة هذا؟! لماذا البكاء؟!
هذا لأن الفخاخ التي نقع فيها تبتلع أيامنا والسنين
هذه اللحظة ليست كما يراها الآخرون
إنها لحظة كالقبر، في بطنها دفنَّا من تأريخنا شيئا
هكذا حب المساجين لزنزاناتهم
وحب العشاق لأوقاتهم التالفة
لقد رأيته بعيني
فتى يتوسل حبيبته وهي تخونه بالرحيل: لا تتركيني
تحيد عنه، ترحل
يبكي ، يصرخ، يلطم، يكتئب
سألته: إنها خانتك، أتبكي على خائنة؟!
قال لي: إنها عمرٌ بأكمله خانني، أبكي على عمري
هكذا -إذن- نلتقي
مثل هذا الفتى، نلتقي في الأيام
في تجاعيد المرايا
في الأغنيات
في وجوه الأصدقاء المشتركين
في الأماكن التي سقط فيها من وقتنا
في حزننا
في الخيانات التي سنكررها مرارا
وأخير في الحكايات
سنلتقي كثيرا

google-playkhamsatmostaqltradent